استضافت بيروت أمس أعمال المؤتمر العام الأول للمجلس البرلماني الآسيوي ـ الأفريقي في مقر البرلمان اللبناني والذي ينعقد يومي 7-8 من شهر سبتمبر لعام 2025 بالتعاون من الإتحاد الدولي لنقابات آسيا وأفريقيا وبرعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلا بنائب الرئيس إلياس بوصعب وحضور رئيس المجلس البرلماني الآسيوي ـ الأفريقي و النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي
محسن المندلاوي، و النائب الأول لرئيس المجلس البرلماني الآسيوي ـ الأفريقي و رئيس الاتحاد الدولي لنقابات آسيا وأفريقيا سعود راشد الحجيلان، ورئيس مجلس النواب في نيجيريا وعدد كبير من رؤساء البرلمانات وممثلي البرلمانات الآسيوية والأفريقية وأعضاء الوفود المشاركة من 37 دولة.
وترأس محسن المندلاوي أعمال المؤتمر وقدم للكلمات أمين عام المجلس البرلماني الآسيوي ـ والأفريقي فايز الشوابكة.
وألقى بوصعب كلمة الرئيس بري، فرحب برؤساء ونواب رؤساء المجالس والوفود، وقال «يشهد العالم في هذه المرحلة من التاريخ تشكل نموذج سياسي جديد، تختلف الكثير من سماته عن الأسس التي قامت عليها الكثير من الدول عبر القرنين الماضيين. هذا النموذج السياسي المختلط، تطغى عليه توليفة الاقتصاد الفردي أكثر من السياسة الجماعية، حيث لم يعد تعاطي السياسة الدولية حصرا على السياسيين، بل رأينا رجال الأعمال يمارسون الفعل السياسي كنوع من نشاطاتهم الربحية والتجارية، حتى إن التصنيع العسكري أصبح اليوم نوعا من أنواع التجارة وإدارة الأعمال، وليس فقط للحماية والقوة».
وأضاف «نفهم اليوم أن من مقتضيات النموذج السياسي الجديد، تلوين النوايا، وتزييف الحقائق، ومن هنا تنبع أهمية وضرورة لقاءاتكم واجتماعاتكم، حيث عملت جماعات الضغط المنتشرة في انحاء العالم المتحكم، على تسويق اهداف مشبوهة بين سطور الادعاءات بالشرف وحماية الإنسانية ومواجهة التهديدات، في الوقت الذي نعلم جميعا أن اتجاه بوصلة الحق مختلف تماما، ولذلك أدعوكم لتشكيل جبهة لفك ضغط جماعة الضغط المغرضة ذات الأهداف المشبوهة. صحيح أن القضايا التي نواجهها مختلفة ظاهريا، ولكن ثقوا تماما أن نفس اليد الخبيثة هي التي تعبث في مستقبلنا جميعا».
وتابع بوصعب «على العاقل اليوم أن يستشرف المستقبل بمرونة التجاوب، وإعادة تقييم المصالح بمفهومها السامي، وليس إعادة تقييم المبادئ، وخصوصا التي تستند إلى مبدأ أصيل لا يمكن التنازل عنه. إن قراءة الماضي وحفظ دروسه لم تعد المطلب الوحيد للنجاح في اتخاذ القرار، والتخطيط للمستقبل».
ثم ترأس النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي محسن المندلاوي أعمال المؤتمر وأعلن عن تأسيس المجلس البرلماني الآسيوي ـ الأفريقي.
وقال المندلاوي في كلمته الافتتاحية «اليوم نؤسس مجلسا برلمانيا مشتركا، ومنبرا فعالا ناطقا بلسان الشعوب، مدافعا عن قضاياها، رابطا بين القرار السياسي والتطلعات الشعبية، وحاملا لمشروع نهوض جماعي قاعدته الديموقراطية وسقفه الكرامة الإنسانية، ليكون اللبنة الأولى في مشروع نهوض شعبي، تنموي، سياسي، وانساني، يعيد للقارتين مكانتهما المستحقة في صنع القرار العالمي»، مبينا ان «الأزمات التي يواجهها العالم، من صراعات جيوسياسية، وتغير مناخي، وتفاوت اقتصادي صارخ، وازمات غذاء وموارد وديون، وهيمنة على القرار الدولي باسم النظام العالمي، تبرهن أهمية دور البرلمانات كجسور تواصل بين الشعوب، وأدوات رقابة على الأداء السياسي، وسند للمجتمع المدني، تجعل شعوب القارتين يقفون كقوى حية قادرة على المبادرة إن امتلكت أدوات الفعل ورفعت صوتها بتناغم وتكامل».
ودعا المندلاوي إلى عقد مؤتمرات دورية شبابية وبرلمانية نسائية تعزز التمكين السياسي للأجيال القادمة، واطلاق شبكة للتضامن مع القضايا العادلة، «وفي مقدمتها قضية فلسطين وحق شعبها في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، فيما أشار إلى ان البرلمانات «مطالبة ان تكون على قدر اللحظة التأريخية التي تصوغ فيها آسيا وافريقيا شراكة جديدة لا تقوم على العاطفة فقط، بل على المصالح المشتركة، والتعاون في مواجهة التحديات، لا التنافس في اقتسام الفتات».
ثم تحدث سعود الحجيلان فقال «في مستهل كلمتي، أود أن أعبر عن بالغ شكري وتقديري لدولة الرئيس نبيه بري، ولجميع القائمين على تنظيم واستضافة اجتماعات المجلس البرلماني الآسيوي والإفريقي، وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وما لمسناه من حسن تنظيم وترتيب في مقر مجلس النواب اللبناني العريق. وإنه لمن دواعي الامتنان أن نلتقي تحت مظلة هذه المبادرة البرلمانية الفريدة، بقيادة شخصية حكيمة، صاحبة رؤية ثاقبة ومواقف راسخة، في شخص دولة الرئيس نبيه بري، فله منا كل التقدير والاحترام. لقد سعينا منذ تأسيس المجلس الدولي لنقابات آسيا وأفريقيا إلى إحداث فارق نوعي وملموس في العمل النقابي، يرتقي بحقوق المنتسبين، ويسهم في تطوير الأداء النقابي وتحسين بيئة العمل، إيمانا منا بأن العمل النقابي ليس فقط وسيلة لحفظ الحقوق، بل هو أحد أعمدة الإنتاج والتنمية، وبه تتحقق العدالة وتؤدى الواجبات بلا تحيز أو تقصير».
وقال «اليوم، يضم مجلسنا الدولي تحت مظلته ملايين العمال والقوى العاملة من قارتي آسيا وافريقيا، في وحدة نقابية نادرة، ساهمت في تعزيز الإنتاج وتحسين نوعيته، ونحن نعتبر هذا الإنجاز بداية لطموح أكبر بإذن الله».
وتابع «إن إدارة المجتمعات والارتقاء بها هو عمل حي ومتجدد، يتطلب مراجعة دائمة وتحسينا مستمرا. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مجلس برلماني مشترك بين قارتي آسيا وافريقيا، يكون بمنزلة حلقة وصل فاعلة بين البرلمانات والنقابات، ومنبرا حقيقيا لعرض القضايا ونقل صوت العمال والمجتمعات بشكل مباشر».
وأضاف «نحن كتنظيمات نقابية ميدانية، نمتلك أداة قياس فعالة لمدى فاعلية التشريعات ونجاعتها على أرض الواقع، ونمثل مصدرا حقيقيا للتغذية الراجعة التي تعزز دور المجالس البرلمانية في صناعة السياسات واتخاذ القرارات. وهذا التكامل بين العمل النقابي والعمل البرلماني، يمثل فرصة تاريخية لبناء منظومة متكاملة تستجيب لتطلعات الشعوب في القارتين».
وختم بالقول «أعلم أن جدول أعمالنا مزدحم بالملفات والنقاشات المهمة، لذلك أختتم كلمتي بتجديد أملنا أن يحقق هذا المجلس البرلماني الجديد أهدافه المرجوة، وأن يسهم في تحسين حياة الشعوب، ويدعم الاستقرار والتنمية والعدالة الاجتماعية. ونحن نضع أمام مجلسكم الموقر ما لدينا من خبرات وتجارب تراكمت على مدى سنوات، إيمانا منا بأن العمل المشترك هو الطريق الأقصر نحو المستقبل الأفضل».